تنفيسة| مأساة منتفعي التأمين الصحي



 

أتحدث هنا عن عيادات التأمين الصحي المنتشرة بكثير من الأحياء والمحافظات، التي لم تنل حظها من التحول والالتحاق بمنظومة التأمين الصحي الشامل. حيث يٌعاني بتلك العيادات عدد ليس بقليل من منتفعي التأمين الصحي، إن لم يكن الجميع، من مشكلات روتينية لأوراقهم وملفاتهم تستنفذ طاقتهم دون داعي هذا على المستوى الإداري، أما على المستوى الطبي فحدث ولا حرج، فلا يوجد عيادة من عيادات التأمين الصحي إلا وبها نقص من الأطباء الاستشاريون والاختصاصيون. 

بل هناك عيادات خاوية بلى اختصاصيون لتخصصات حرجة وهامة، مثل اختصاص القلب والعصبية والنفسية وغيرها من الاختصاصات التي يلزم لأحد المنتفعين إن أراد أن يُجري كشفًا أو يسمع استشارة طبيب، أن يذهب لمكان آخر غير المكان المقيم فيه، وهو الشيء السائد الآن في الكثير من العيادات، وعلى المنتفع أن يتحمل مشقة التنقلات من جهد بدني وعصبي وتكلفة موصلات. نحتاج هنا لوقفة ضمير، لا بل صحوة ضمير، لنسأل المسؤولين عن عيادات التأمين الصحي، هل هناك شيئًا آخر يمكننا أن نهتم به أكثر وأثمن من الصحة؟ أين هم الأطباء القائمون على تشخيص حالات هؤلاء المنتفعين؟ الأطباء الذين قلت اعددهم، وتقل باستمرار. 

فنحن أمام كارثة أو إن شئت قل قنبلة أوشكت على الانفجار، فأصبح فتيلها ملتهبًا وجهاز للانفجار بأي ثانية، أما عن الأدوية الناقصة فهذا شيء آخر يسترعي من المسؤولين الانتباه إليه، فهناك عددًا كبيرًا من العقاقير اللازمة لأمراض خطيرة مثل القلب، والتهاب الأعصاب، والأوعية الدموية، وضغط الدم، وغيرها من العلاجات الهامة والضرورية لمثل هذه الحالات، والتي تؤخذ بصفة دورية – شهريًا – غير متوفرة بأغلب صيدليات العيادات، مما سيؤثر بالسلب على أصحاب هذه الأمراض من حيث تفاقم الوضع الصحي لهم، وازدياده سوءً.

الناظر في حقيقة الأمر، لا يجد أمامه إلا قولًا واحدًا، إذا كانت هذه العيادات بهذا الشكل المضني من عدم الكفاءة الطبية، أضف إلى ذلك سوء المعاملة غير الآدمية من الأطباء وموظفي تلك العيادات، إذًا فمن المسؤول عن تطبيب وتخفيف آلام هؤلاء المنتفعين، أهناك وزارة أخرى غير وزارة الصحة مسؤولة عن هذا الدور؟ من المسؤول عن هذا الإهمال والتقاعس الذي أصبح مشاع بكثير من عيادات التأمين الصحي؟ 

تلك العيادات التي تضم أكثر من خمسة وسبعون بالمئة من منتفعيها من أصحاب المعاشات، هؤلاء كانوا كوادر وعمال خدموا مصرنا الحبيبة بقطاعات عديدة الحكومي منها والخاص، هل مقابل عدد سنوات الخدمة التي قدموها هؤلاء الأفاضل، أن يُعاملوا بمثل هذه القسوة وعدم الرحمة؟! فهناك منتفعين تزداد أعمارهم فوق السبعون والثمانون عامًا، ويُعاملوا من موظفي تلك العيادات بتجهم شديد، دون مراعاة لفارق السن. ما يرجوه كل مصري يعيش على هذه الأرض، من السادة المسؤولون بقطاعات وزارة الصحة، أن يكون ضمن برنامجهم اليومي زيارات مفاجئة لعيادات التأمين الصحي، دون علم مسبق لمديري تلك العيادات، فانا أثق أتم الثقة أنكم سترون ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. وستدركون أن كلماتي هذه كانت بمثابة لحن جميل، وسط غوغائية وعشوائية إدارة تلك العيادات.

فلا يوجد عيادة تابعة للتأمين الصحي إلا وبداخلها أصوات مشاجرات، بين المنتفعين وموظفي تلك الوحدة أو هذه، ناجمة عن غياب النظام، الأمر الذي يجعلك تُدرك من تلك الأصوات، أن هذا الشارع أو ذاك به عيادة تابعة للتأمين الصحي. هذا الوضع يدفع الكثير من المنتفعين بالنداء، ورفع كفوفهم للسماء منادين بأصوات عالية أغثينا يا الله… أغيثنا يا وزير الصحة. فهل من مغيث لهؤلاء؟ وتبقى كلمة الحق تبارك وتعالى: (هَلْ جَزَاءُ الإحْسَانِ إِلا الإحْسَانُ).

 

 




المصدر موقع الفجر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى