المالك والمستأجر فى حاجة إلى قانون عادل



بعد سنوات طويلة من المناقشات القانونية والاقتصادية جاء الحكم التاريخى للمحكمة الدستورية العليا بشأن قانون الإيجار القديم حاسمًا لجميع الآراء.

ويعتمد المستأجرون على انخفاض القيمة الإيجارية وثباتها منذ سنوات، وبالتالى فإن الزيادة الحتمية بعد قرار الدستورية ستكون فى صالح الملاك الذين يروون أنهم ظلموا بثبات القيمة الإيجارية، فى حين يرى المستأجرون أنهم سيتحملون أعباء مادية إضافية مع تشريع قانون جديد وفقًا لقرار الدستورية العليا..

قانون الإيجارات القديم تسبب فى انخفاض القيمة المالية والاستثمارية للعقارات حسب الملاك، بسبب ضعف العوائد، وتسبب هذا القانون الذى ظل فى المحاكم لسنوات وسنوات فى حالة يأس لدى الملاك، ورغم ذلك لا يزال قانون الإيجارات القديم مثيرا للجدل بين مؤيد ومعارض، فالمؤيدون للتعديلات يرون أنها خطوة تأخرت كثيرًا، وأنها ضرورية لضمان العدالة بين جميع الأطراف فى سوق العقارات، بينما يرى المعرضون أن أى زيادة فى الإيجارات تعد عبئًا إضافيًا على المستأجرين وعدد كبير منهم من محدودى الدخل بالفعل.

المعركة بين المستأجرين وملاك العقارات ممتدة سواء فى المحاكم أو من خلال البرامج التليفزيونية، فضلا عن السوشيال ميديا، فقد سارع كل فريقين لعمل جروبات على مواقع التواصل الاجتماعى لجمع أصحاب القضية، واندلعت المعارك داخل تلك الجروبات، وحتى فى الشارع وفى وسائل المواصلات العامة يبقى الحديث واحدا حول تعديلات قانون الإيجارات القديم.

محمد على، مالك لأحد العقارات فى القاهرة يتحدث عن حجم المعاناة التى واجهها كمالك لعقار فى منطقة مميزة بقلب القاهرة، قائلًا إنه عانى طويلا من هذا القانون: «أنا أمتلك عقارات فى مناطق حيوية ولكن الإيجار الشهرى لا يتجاوز ٥٠ جنيها فى بعض الأحيان، وهو مبلغ لا يغطى حتى تكاليف الصيانة، فى الوقت الذى يسدد فيه المستأجرون مبالغ مضاعفة لخدمات أخرى، مثل فواتير الغاز والكهرباء، فهل من المعقول أن يتم تأجير وحدة سكنية فى منطقة حيوية بمبلغ لا يتعدى٥٠ جنيهًا؟، وهل من المعقول أن أكون صاحب أملاك وإيرادى الشهرى منها لا يتعدى ألف جنيه؟!

وأشار إلى أن الملاك بدأوا فى التفاوض معه لتحديد سعر التأجير بالتوافق، متعجبًا من حالهم فقد دخل معهم فى مفاوضات لسنوات من أجل التوصل لحل مرض، لكن دون جدوى، ولم يحركوا ساكنا إلا بعد قرار الدستورية.

أما إبراهيم محمد، يعمل فى قطاع العقارات، فأكد أن القرار يساهم بشكل كبير، فى تحقيق توازن أكبر بين الملاك والمستأجرين من خلال التعديلات التشريعية على قانون الإيجارات القديم، وخصوصا مع الزيادة الكبيرة فى أسعار العقارات، فمن غير المعقول أن تظل الإيجارات القديمة ثابتة أو شبه ثابتة، لافتًا إلى أن تحريك قيمة إيجارات العقارات الخاصة بقانون الإيجار القديم لن تكون جنونية كما يروج البعض، لكنها ستكون بشكل متوافق عليه بما يحقق رضا المالك والمستأجر.

ويضيف محمد صابر، أحد ملاك العقارات بنظام القانون القديم، أنه تعرض لخسائر جسيمة طوال السنوات الماضية، ورغم ذلك إلا أنه كان ملزما بالقانون ولا يستطيع زيادة قيمة الإيجار على المستأجرين، لافتا إلى أن القانون حال تعديله سيعمل على إنعاش السوق العقارية ويزيد من الاستثمار فى هذا القطاع بشكل كبير، ويعطى أملًا للملاك بالتنفس وتحقيق العدالة فى تحصيل أموالهم المهدورة لسنوات، مشيرًا إلى أنه يحصل على حوالى ٢٠٠ جنيه سنويًا نظير إيجار عقار بالكامل، واصفا هذا الوضع بالمهزلة، خصوصا أن عقود الإيجار تعود للخمسينيات.

على الجانب الآخر، يعارض العديد من المستأجرين التعديلات بحجة أنها ستضاعف الأعباء عليهم فى وقت يعانون فيه من صعوبة تلبية احتياجاتهم الأساسية.

ويشعر هؤلاء أن القانون القديم كان بمثابة «حماية» لهم ضد غلاء الأسعار فى سوق الإيجارات، خاصة أنه سمح لهم بالعيش فى مسكن منخفض التكلفة رغم تزايد أسعار العقارات بشكل كبير فى السنوات الأخيرة.

هند محمد، مستأجرة فى إحدى شقق الإيجار القديم فى الجيزة، تقول إنها تدفع إيجارًا شهريًا لا يتجاوز ال ٥٠ جنيهًا فى شقة بمنطقة شعبية تعيش فيها هى وأطفالها منذ سنوات طويلة.

ولكن إذا تم تعديل القانون، سيصبح من المستحيل علينا تحمل الزيادة فى الإيجار. نحن فى وضع اقتصادى صعب، والزيادة ستجعلنا نعيش فى الشوارع.

ويشاركها الرأى أحمد سالم- مستأجر آخر فى القاهرة- أنه كان لا بد أن يتم تعديل القانون بطريقة تدريجية لكن القرار يأتى فى وقت غير مناسب تمامًا.

فى الوقت الذى تزايد فيه الجدل حول تعديلات قانون الإيجار القديم، دافعت الحكومة عن قرار المحكمة الدستورية العليا، مشيرة إلى أن التعديلات ستساهم فى تحسين وضع سوق العقارات المصرية وتنشيط حركة الاستثمار فى العقارات.

من جانب آخر، طالبت بعض المنظمات الحقوقية بضرورة أن تراعى التعديلات ظروف المستأجرين ذوى الدخل المحدود، خاصة فى ظل الأزمات الاقتصادية الحالية.

وخاصة أن المستأجرين الفقراء يجب أن يكون لهم مكان فى هذه المعادلة فليس من المقبول يترك هؤلاء دون أى حلول بديلة، خاصة أن كثيرين منهم لا يستطيعون تحمل الزيادات الكبيرة فى الإيجار.




المصدر موقع الفجر


اكتشاف المزيد من نهج

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من نهج

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading