د.حماد عبدالله يكتب: الأستاذ أنيس منصور !!



رحم الله الأستاذ ” أنيس منصور”، رحمة واسعة، فكان ضوء مشع لمحبي القراءة، والمعرفة، وأيضًا للمهمومين بالوطن وشئونه وخاصة في عصر من أهم عصورنا الحديثة (عصر السادات) حيث كان المرحوم “أنيس منصور” من أكثر الصحفيين والأدباء المقربين للرئيس الراحل “السادات”. 
وتمتع المرحوم الأستاذ “أنيس منصور” بحضور عالٍ جدًا، حيث يمكن في جلسة أن يثُلِبْ كل مستمعيه إلى مايقصه، من أحاديث ووقائع (بطريقته) !! والتى أيضًا لا تخلو من تعليقاته الخاصة جدًا على ما ينقله من معلومات أو أحداث !! 
ولقد كان من حظي أن أرافق الأستاذ “أنيس منصور” لعدة مرات في رحلات خارج البلاد، فلقد رافقته إلى معرض (هانوفر) للسجاد الميكانيكي لمدة تزيد عن عشر سنوات، كان اللقاء بيننا يتم بالدعوة الكريمة من الصديق المشترك المرحوم “محمد فريد خميس”، وكانت مصاحبة الأستاذ شئ من الخيال. 
ولقد إرتاح الأستاذ لمزاملتي في رحلاته المتكررة، لعدة أسباب، ربما لإحساسه بإستمتاعي بأحاديثه، فكنت خير مستمع لا متحدثًا ،كما كنت أتحدث فقط حينما يسألني عن شئ، وبالقطع هذا شئ يرتبط بتخصصي في (صناعة السجاد) أو في (العمارة)، “والتخطيط للمدن “وجمال “العناصر الزخرفية” على الجدران وغيرها من فنون. 
وكان المرحوم “أنيس منصور” وهو من كبار الحكائين  المصريين لا ينقطع أبدًاَ عن الحديث، كان دائمًا متحدثًا عن كل ما نراه ويربطه بشجون وأفراح الوطن. 
وأتذكر في أحدى رحلاتي ومصاحبتي له، كان الفنان  المرحوم” عمر الشريف”، هو نجم هذه الرحلة، حيث إستعانت به شركة (النساجون الشرقيون ) كفنان مصري عالمي، لكي تنتج بعض تصميمات السجاد المصري، مستوحية الأفكار التصميمية من الأفلام العالمية للفنان المصرى الكبير، وقد نجحت هذه الفكرة الصناعية الفنية، نجاح منقطع النظير، إلا أنها (قَلُبِتْ بَّغَمْ) !! بعد أن إنتشر الخبر في معارض دولية مثل (هانوفر – ألمانيا) و( أطلانطا – أمريكا) و(لاس فيجاس – أمريكا) !! 
حيث كان الفنان المرحوم “عمر الشريف”، قد وقع عقدًا مع أخرين في “تونس” عن إستحقاقهم لكل الحقوق لما يعلن عنه ” عمر الشريف” تجاريًا، وهذا ما جعل المشكلة تعود إلى الجهه المنفذة (النساجون الشرقيون) مصر !! وهذه قصة أخرى !
وكانت تلك الرحلة بمصاحبة المرحوم الأستاذ “أنيس منصور” والأستاذ الدكتور “صبري الشبراوي”، والمرحوم الأستاذ ” رشاد أبو سعدة)، ووزير الصناعة الأسبق مهندس ” محمد عبد الوهاب ” وبالقطع كانت هذه الصحبة المصرية المتميزة في رحاب أكبر المعارض فى العالم، “هانوفر وأطلانطا ” قد إستغرقت أكثر من أسبوعين، نعيش معًا ونأكل معًا، ونستقبل المعجبين بالإنتاج المصرى والفن المصرى، وكان “عمر الشريف” أكثرنا كرمًا فى هذا حيث وقف أمام “إستاند العرض ” للشركة فخورًا وإن كانت إنقلبت بغم “أيضًا”!  نتيجة المود المتغير للفنان !!
إلا أنه كان هناك الأستاذ/ أنيس منصور دائمًا الفيلسوف المحتوى لكل ما يحدث من تناقضات، والجاذب للجميع فى الإتجاه الذى يحدده هو وليس غيره !.
كان عظيمًا وسوف يظل عظيمًا بما تركه لنا من كتب ومفاهيم ومقالات ومشاركات مصورة ومسجلة، لقد حرصت أن أسجل للأستاذ /أنيس منصور كل ما قاله وكل ما علق عليه فى رحلاتى معه، الشيىء الوحيد الذى كان يقلقنى فى مصاحبتى معه، هو أنه يقوم من النوم الساعة الرابعة صباحًا وأول من يناديه أنا لكى أساعده فى إيجاد كوب شاى ساخن، وقليل من عسل النحل، وكنت لا أخيب ظنه أبداَ حتى ونحن فى درجة حرارة 20 تحت الصفر فى إحدى ليالى يناير بمدينة “دالتون” بولاية “جورجيا” حيث لم أخيب ظنه أبدًا -حم الله “أنيس منصور” رحمة واسعة !!




المصدر موقع الفجر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى