دكتور مصطفي ثابت يكتب.. حكاية أم خالد وضرورة تأهيل وتطوير مؤثري تيك توك



في زيارتي الأخيرة إلى مدينة الإسكندرية، لاحظت أمرًا مثيرًا للاهتمام. بينما كنت أستمتع بجمال المدينة وتاريخها العريق، وجدت أن أولادي قد كوّنوا معرفة عميقة حول تفاصيل المدينة، ليس من الكتب أو المناهج الدراسية، بل من خلال متابعة سيدة تُدعى “أم خالد” عبر منصة تيك توك. أصبحت هذه المؤثرة، دون أن أدري، مصدرًا أساسيًا لمعلوماتهم عن الإسكندرية، بل وقدمت لهم تفاصيل لم أكن أتصور أنهم سيهتمون بها.

 

هذا الموقف أثار في ذهني تساؤلات حول الدور الذي يلعبه مؤثرو وسائل التواصل الاجتماعي في تشكيل وعي الأجيال الجديدة. ومع تزايد تأثير هؤلاء المؤثرين، أصبح من الضروري التفكير في كيفية ضمان جودة ودقة المعلومات التي يطرحونها. سواء اتفقنا أو اختلفنا مع هؤلاء المؤثرين، لا يمكننا إنكار أنهم أصبحوا جزءًا لا يتجزأ من الواقع الاجتماعي والثقافي الذي نعيشه.

 

دور المؤثرين في تشكيل وعي الشباب

 

اليوم، يُعتبر المؤثرون على منصات مثل تيك توك وإنستغرام ويوتيوب مصادر رئيسية للمعلومات والترفيه للعديد من الشباب. هؤلاء المؤثرون لديهم ملايين المتابعين، ويؤثرون بشكل مباشر في اختياراتهم، أفكارهم، وحتى أسلوب حياتهم. ومع هذا التأثير الكبير، يبرز تساؤل حول مدى استعداد هؤلاء المؤثرين لتحمل مسؤولية الدور الذي يلعبونه.

 

أهمية دقة المعلومات وجودتها

 

من خلال تجربة أولادي مع “أم خالد”، أدركت مدى خطورة الاعتماد الكلي على المحتوى الذي يُقدمه المؤثرون. فبينما قد يكون هناك محتوى ذا قيمة ومفيد، فإن هناك أيضًا محتوى قد يكون غير دقيق أو غير مسؤول. لذلك، يجب أن نضع ضوابط ومعايير تضمن أن يكون المحتوى المقدم على هذه المنصات يتمتع بالجودة والمصداقية، خصوصًا أن تأثيره قد يصل إلى شريحة واسعة من الشباب.

 

مقترح إنشاء الأكاديمية الوطنية للمؤثرين

 

من هنا، أرى ضرورة ملحة لإنشاء أكاديمية وطنية تُعنى بتأهيل وتطوير مؤثري تيك توك وبقية منصات التواصل الاجتماعي. هذه الأكاديمية ستكون بمثابة مركز لتدريب المؤثرين على مجموعة من المهارات والمعايير التي تضمن تقديم محتوى مسؤول وهادف. يمكن أن تشمل برامج الأكاديمية:

  • التدريب على الإعلام الرقمي: حيث يتعلم المؤثرون أساسيات التحرير الإعلامي، والتأكد من دقة المعلومات التي يقدمونها.

  • المسؤولية الاجتماعية: تعلم المؤثرين كيفية تقديم محتوى يعكس القيم الاجتماعية الإيجابية ويدعم المبادرات المجتمعية.

   •  دراسات الجمهور: فهم طبيعة الجمهور المستهدف واحتياجاته لضمان تقديم محتوى يلبي هذه الاحتياجات بشكل دقيق وفعّال.

 

التأثير الإيجابي المتوقع

 

من خلال هذه الأكاديمية، يمكن للمحتوى الذي يقدمه المؤثرون أن يتحول إلى أداة قوية لبناء وعي ثقافي وتعليمي واجتماعي. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تسهم الأكاديمية في تطوير معايير مهنية تضع المؤثرين في موقف يكونون فيه قادرين على تقديم محتوى لا يعزز فقط معرفتهم الشخصية، بل يسهم أيضًا في تثقيف وتوجيه متابعيهم بشكل صحيح.

 

في الختام، فإن تأثير المؤثرين على تيك توك وغيرها من المنصات الرقمية لا يمكن إنكاره. ومع هذا التأثير، تأتي مسؤولية كبيرة. إنشاء أكاديمية وطنية لتأهيل هؤلاء المؤثرين هو خطوة ضرورية لضمان أن يكون المحتوى الذي يقدمونه مسؤولًا، دقيقًا، ويعكس القيم المجتمعية والثقافية التي نرغب في ترسيخها لدى أجيالنا القادمة.




المصدر موقع الفجر


اكتشاف المزيد من نهج

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من نهج

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading